يمتد الموطن التقليدي لقبائل الهوسا من جبل الهواء في النيجر إلى منطقة جوس بلاتو في وسط نيجيريا ، ومن بحيرة تشاد مروراً بإمبراطورية السونغاي القديمة على طول وادي نهر النيجر وهي المنطقة التي تعرف حالياً باسم جمهورية مالي التي عرفت من قبل باسم إقليم السودان الأوسط .
ومن المعروف أن كلمة هوسا كانت اسم اللغة التي تتحدثها القبائل المنتشرة في هذه المنطقة التي ما لبثت أن عرفت بهذا الاسم منذ القرن السادس عشر. وحتى ذلك الحين كانت تعرف بأسماء مدنها أو ممالكها المختلفة ، ومن الطريف أن لهجة الهوسا تصنف على أنها واحدة من فصيلة اللغات الآفرو - آسيوية ، ورغم ذلك فإن من يتحدثون بها اليوم ليسوا جميعهم منحدرين من عرق واحد.
إن أبناء قبائل الهوسا الموزعين على مساحة جغرافية واسعة يعتبرون المجموعة العرقية الكبرى بالأقاليم الشمالية لنيجيريا أو كما يشار إليها عادة باسم (الشمال الأقصى) أو (مسلمو الشمال) فيما تدعى المجموعة العرقية التي تليها في الحجم باسم (فولاني) ولأن قبيلتي الهوسا والفولاني ترتبطان بعلاقات وثيقة ، فإن النيجيريين اعتادوا على القول بأنهما مجموعة قبلية واحدة ، ومع ذلك فإن البعض منهما يعتبر أن كلام منهما متميز عن الآخر ، وعلى سبيل المثال ما زال الكثير من الفولانيين يفتخرون بحياة البادية ورعي القطعان ، وينأون بأنفسهم عن الاستيطان وممارسة مهنة الزراعة التي تميزت بها الهوسا.
وبما أن قبائل الهوسا والفولاني كانت تعيش متقاربة ، فقد نشأت بينهما علاقات تزاوج ، كما ظهرت بينهما سمات ثقافية مشتركة ، فعلى سبيل المثال ، ومع أن اللغة الأولى لقبائل الفولاني كانت تعرف باسم فولفور ، فإن أفراداً منها يتكلمون لغة الهوسا كلغة ثانية ، الأمر الذي يعزز التكامل العرقي بينهما.
ولم تستقبل قبائل الهوسا المهاجرين من الشمال فحسب ، لكن البعض يعتقد أنهم هم أنفسهم هاجروا إلى الجنوب من منطقة الصحاري إلى أرض غنية بالأعشاب فراراً من الجفاف والنزاعات مع المجموعات العرقية المنافسة الأخرى بمن فيهم بربر الطوارق.
إن هذا التنقل سهل لقبائل الهوسا الاحتكاك بالمجموعات القبلية التي كانت تقطن أقصى جنوب الصحراء الأمر الذي فرض على هذه المجموعات تبني لغة الهوسا وعاداتها ، ومع أن البعض يرى أن قبائل الهوسا من أصل عربي من العراق إلا أن آخرين يقولون إنها كانت قبائل تمتهن الزراعة وصيد السمك والصيد البري على طول الشاطئ الغربي لبحيرة تشاد .
الحياة السياسية :
تعتبر الفترة من عام 1000 إلى 1500 للميلاد العصر الذهبي بالنسبة لتطور منطقة غرب أفريقيا حيث كانت فترة توسع وازدهار تجاري بين المدن والدول والإمبراطوريات وفي جنوب شرق السودان كانت دول الهوسا وإمبراطورية كانيم – بورنو من أهم الكيانات السياسية في تلك المنطقة.
إن التاريخ القديم لدولة الهوسا يشير إلى أنها تشكلت في عام 999م على يد الملك كانو حيث كانت تضم مجموعات صغيرة من المستوطنات تحولت فيما بعد إلى مدن ودول ، وكان أقوى جيرانها إمبراطورية كانيم – بورنو إلى الشرق ، وإمبراطورية السونغاي إلى الغرب.
وفي عام 1500 أصبحت زاريا أقوى دول الهوسا ، وكانت تسيطر لبعض الوقت على ممالك النوبة وجوكون بالجنوب ، ويذكر أن انتشار اللغة العربية والدين الإسلامي بمناطق الهوسا أضعف البنية السياسية للسلطات المحلية التي كانت ترى بأن الإسلام يشكل تهديداً لها ، وعلى أية حال فإن عملية الأسلمة لم تستبعد بشكل كامل المعتقدات الدينية التقليدية سواء بالمناطق الريفية أو المناطق الأخرى.
وبالنسبة لعلاقة قبائل الهوسا بالمستعمرين الأوروبيين ، فإن الوثائق تشير إلى أن الفرنسيين اعتمدوا على جنود الهوسا لمساعدتهم على السيطرة على جزيرة مدغشقر ، واستعان البلجيكيون بأفراد منهم للسيطرة على الكونغو ، في نفس الوقت استعان الألمان بتجنيد أبنائها وتجارها أثناء قيامهم بفتح الكاميرون حيث عمل هؤلاء كمرشدين لهم ، أما بريطانيا فقد قامت بدورها بتشكيل قوة شرطة من الهوسا بمستعمرتهم بلاغوس في عام 1863 ، حيث عملت هذه القوة على تحرير عبيد الهوسا ومنحهم الحرية كما تم منحهم أراضي بلاغوس حتى أصبحوا مجموعة ذات امتيازات خاصة ، وقد قام جنود الهوسا بمساعدة البريطانيين على إلحاق الهزيمة بالأشانتي بغانا عام 1873/1874 ، فيما تم نقل العديد من غانا ، وبعد انتصار البريطانيين تم تجنيد عدد من أبناء الهوسا في الجيش الغاني.
العادات :
أصبح الإسلام هو الدين السائد بين قبائل الهوسا حيث تم نشره على يد المسلمين القادمين من شمال إفريقيا ومن مالي والدول المجاورة الأخرى ، علماً بأن الإسلام كان معروفاً لدى قبائل الهوسا منذ عام 1300 للميلاد لكن تأثيره ازداد مع تدفق المهاجرين والتجار إلى المدن والقرى . في البداية كانت قبائل الهوسا تنظر إلى الإسلام بعين الريبة حيث استمروا لفترة طويلة متمسكين بديانتهم التقليدية ، وفي عام 1400 للميلاد اعتنقه أهالي كانوا وكاتسينا ، ثم تعزز هناك على يد العلماء المسلمين لكن التحول الكبير نحو الإسلام حصل عام 1800 للميلاد حيث أعلن جميع ملوك الهوسا اعتناقهم للإسلام واعتبروه الدين الرسمي لدولهم.
وقد بذلت محاولات لنشر الديانة النصرانية من قبل أولئك المتمسكين بديانتهم التقليدية فقط ، ولكن من قبل التيار الإسلامي النامي بين القبائل ، ولم يتمكن المبشرون النصارى من التأثير على مناطق الهوسا إلا إبان الحكم الاستعماري فقط وخاصة في منطقة زاريا.
ويربي أهل الهوسا أبناءهم على التعاليم الإسلامية منذ الصغر ، فبعد إجراء الختان الذي يتم عادة في سن السابعة أو التاسعة يدفع بالأولاد إلى معلمي القرآن الكريم لحفظ ما تيسر منه ، علماً بان الكثير من الهوسا يخلطون بين الإسلام ومعتقداتهم التقليدية.
ويؤمن أهالي الهوسا بأن الشيطان قد يكون هو سبب المرض الذي يصيب الإنسان، ومن ثم يجب إجراء طقوس خاصة لطرده من الأجساد المصابة ، وفوق ذلك فإن أهالي الهوسا يؤمون بأن الشيطان يتشكل في أشكال مختلفة ، فهو يكون أحياناً على شكل رئيس متميز ، وقد يكون ذا لون أبيض أو مغبر ، كما يعيش بالجبال والغابات والماء.
أما في مجال الرياضة فتعتبر المصارعة والملاكمة من أهم النشاطات الرياضية التي يمارسونها في أوقات فراغهم ، حيث تبدو المصارعة أكثر شعبية في قرى الأقاليم الشمالية منها في المدن الكبرى ، وحتى يعتبر الشخص مصارعاً جيداً فلا بد أن يتدرب على هذه الرياضة ابتداء من سن 15 على يد مصارعين من ذوي الخبرات في مجال هذه الرياضة.
وتعتبر الموسيقي جزءاً حيوياً في حياة قبائل الهوسا ، وأمراً تقليدياً يلقى الدعم من قبل هذه المجتمعات ، وغالباً ما تقوم النساء بالغناء خصوصا في مواسم الجفاف.
وفيما يتعلق بملابس أهالي الهوسا وتصميمها ، فإنها تكون من نفس الأزياء التي تنتشر في غرب إفريقيا ولها تأثيرها الخاص على الملابس التي يرتديها الغانيون بشكل عام ، ويقوم اللباس التقليدي لنساء الهوسا على تنوع كبير في التصميم والنسيج و الزركشة ، ويتكون الزي النمطي للمرأة هناك من لفاع وبلوزة وربطة للرأس ورداء واسع يستخدم لتغطية الجسم والرأس فيما يعتمد حجم الزركشة على ذوق المرأة ودخلها ، أما الرجال فيلبسون الزي الفضفاض (العباءات) وقد كان هذا الزي أساساً مخصصاً للملك وكبار المسؤولين والأئمة ورجال الدين من قبل.
الزواج :
بالنسبة للزواج ، هناك قواعد محددة تحكم الزواج التقليدي لدى أهالي الهوسا ، فالزواج يتم وفق الشريعة الإسلامية ويتطلب إيجاباً وقبول الطرفين المعنيين ، ويتعهد الزوج بتحمل مسؤولية توفير الطعام ، والملابس والسكن لزوجته بحضور شهود على عقد الزواج ، كما يقوم بدفع المهر المتفق عليه علماً بأنه يجوز تزويج الأطفال لدى أهالي الهوسا خاصة في المناطق الريفية حيث يفضلون الزواج المبكر، ويمكن للمرء أن يتوقع رؤية طفلة في الخامسة أو السادسة من عمرها تنقل من بيت أهلها لتعيش في بيت زوجها.
وفي ظل هذه الظروف والعادات ، فإن آباء الأولاد من الأزواج يتحملون مسؤولية المحافظة على الأزواج الصغار ، وبالنظر إلى عادة الزواج المبكر هذه فإن بعض أهالي الهوسا يشجعون الزواج حتى بلوغ سن المراهقة حيث تستطيع الفتاة عند بلوغ هذا السن رفض أي زوج قد يختاره والدها.